حقيقة رحيل الكاردينيا.. ليلى العطار
موسى عواد بطي:
أحملي يا زهرة الكاردينيا اعترافات فرشاة الرسم المطروحة على الأريكة التي هجرتها صاحبتها الجميلة المبعثرة الأشلاء وسط الركام ضحية العصف والجنون لصناع الحروب، جاءتك تعبر البحار وتخترق السماء المطلة على الأرض لتحلق على ألوانك اللطيفة ورسومك البهية، ليس بوسع أحد أن ينكر جمالك أو يتجاهل ما تحقق من نجاح في مضمارك كزعيم للفن. وثمة نقطة ينبغي توضيحها أنها امرأة في الشرق الأوسط له تقاليده وعادته بعدم إنصاف المرأة والاعتلاء على حقوقها المسلوبة في شتى المجالات، وطالما جسدتها ليلى العطار في اللوحة باستخدامها التشوهات في الفضاء والضوء للإشارة إلى الشعور الغير واقعي من هذا العالم.
ولدت ليلى العطار في بداية العقد الرابع من القرن الماضي، تخرجت من أكاديمية الفنون الجميلة عام 1965، شاركت مع جماعة أدم وحواء عام وهي بدايتها الاحترافية، وبعد عام قامت بمعرضها الشخصي الأول إلى الخامس في مسيرتها الفنية. وشاركت في العديد من المعارض داخل العراق وخارجه وقد أحرزت العديد من الجوائز التقديرية في الكويت والبحرين ومصر والمعرض الدولي عام 1988، كانت قد تزوجت ليلى العطار من السيد عبد الخالق جريدان فسكنت معه في منطقة الكاظمية ورزقا ثلاث من الأبناء هم حيدر وزينب وريم، وبعد سنوات تم انتقالهما الى منطقة المنصور شارع الأميرات وقد كان دارهم ملاصق إلى مبنى المخابرات العراقية السابق. عندما نشبت حرب الخليج الأولى انتقلت عائلة الرسامة ليلى العطار إلى بيت صديقهما الدكتور كامل الجواهري في منطقة الكريعات، وإثناء تواجدهم سقط صاروخ على دارهم في منطقة المنصور وقد تحول الدار الى كومة أنقاض مع محتوياته، وبعد انتهاء الحرب عادوا الى منطقة المنصور ليعمروا بيتهم المهدم وبعد الاتفاق مع سعاد العطار شقيقة ليلى العطار التي تملك دار مجاور لدارها المهدم، وبما أن سعاد العطار تسكن مع زوجها جميل أبو طبيخ في لندن، سيتم أشغاله من قبل عائلة الرسامة ليلى العطار لحين الانتهاء من ترميم دارهما، وفعلا قام الزوج بالعمل على إعادة جزء كبير من الهيكل المتضرر قبل حدوث طارئ جديد، وهو اتهام المخابرات العراقية بمحاولة اغتيال الرئيس السابق الأب جورج بوش في الكويت. تسارعت الخطة والنوايا الشريرة لذلك الأمر فأصدر آمر الرئيس الأمريكي بل كلينتون بضرب صاعق لمبنى المخابرات العراقية، ويا ريت ذلك ولكنها سقطت على البيوت المجاورة للمبنى وأحد الصواريخ على عائلة الرسامة ليلى العطار. وكانت احد الضحايا التي استفاد النظام لذلك الأمر لحملته الإعلامية.. لكونها شخصية معروفة وبأنها هي رسمت في أرضية فندق الرشيد صورة الأب بوش.. ولكن هذا الكلام عاري عن الصحة هذا الكلام فقط لترويج الإعلامي، من يعرف أسلوب فن الرسامة ليلى العطار بعيدة كل البعد عن رسم الشخصيات ومن ثم إنها كانت مديرة الفنون العامة ويجب أن تشرف على هذه اللوحة. ورحلت ضحية اليوم والأمس في 25 حزيران عام 1993 مع بزوغ نجمة الليل، لتضمها لرعيلها الساطع وهي تحمل الفرح والحب وفرشة الرسم الملطخة بدماء نقية، على أجنحة الطموح والوعد الكبير المتشبع بالإبداع والفراق لزهرة الكاردينيا الجميلة ليلى العطار

إرسال تعليق